سخط نسائي سعودي على «باب الحارة»
تحول إلى قضية رأي عام في الأوساط النسائية.. والأطفال ممنوعون من مشاهدته
جدة: منال حميدان
على الرغم من الشعبية الكبيرة التي حازها مسلسل «باب الحارة» في جزئه الثاني هذا العام، والتي جعلته بحسب تقرير بثته قناة العربية في منتصف شهر رمضان، المسلسل العربي الأكثر متابعة حول العالم من بين كل باقة المسلسلات الرمضانية لهذا العام، إلا أن الاهتمام الكبير بالمسلسل لا يعود فقط إلى استحسان المشاهد العربي لطريقة تصويره وتنامي وتيرة الحدث وتشابك المواقف.
ففي السعودية أثار مضمون المسلسل سخطاً كبيراً في الكثير من الأوساط الاجتماعية، وخاصة النسائية التي اعتبرت بأن المسلسل يكرس نموذج الرجل الشرقي المتسلط والمرأة الخانعة والخاضعة التي لا كلمة لها إلى جانب كلمة الرجل، بدلا من النموذج الصحيح والذي يظهر المرأة والرجل كعنصرين فاعلين ومتكافئين في الواجبات والحقوق لكل منهما شخصيته المستقلة وآراؤه الخاصة.
وبحسب أستاذة علم الاجتماع بجامعة الملك عبد العزيز سعاد عفيف، فإن كمية الأوامر التي تصدر من الرجل إلى المرأة خلال الحلقة الواحدة كبيرة جداً، وكلها من نمط الأوامر الجافة المتعلقة بإعداد كوب الشاي أو إحضار كأس ماء، أو إعداد الطعام، أو السكوت و«سد الحلق» بحسب تعبير المسلسل، وهي تكرس صورة البنت المنكسرة والتابعة، أما الأنموذج الذي يحاول أن يكون رأيه الخاص وشخصيته واستقلاليته بالتعبير عن ذاته فالمسلسل يهددها بمصير «أم عصام» وهو الطلاق.
التأثير السلبي الآخر، بحسب عفيف هو أن الأطفال سريعو التأثر والتقليد، وبالتالي فإن مشاهدة الطفل لهذا النوع من التعامل مع الجنس الآخر قد يعطيه فكرة مغلوطة ونموذجاً غير سوي لاحتذائه من الممكن أن يتفاقم في حال كان الجو العائلي الذي يعيش فيه يعاني من مشاكل في تقدير المرأة ودورها، إلا إذا أعطت الأسرة أهمية كبيرة لإيضاح الصورة الحقيقية ومناقشة خطأ المسلسل في إظهار عدم تقدير المرأة بالشكل الكافي.
مشهد طلاق أم عصام في المسلسل بعد ملاسنة حامية مع جارتها، وهو الأمر الذي لم يعجب زوجها فبادر إلى تأنيبها لترفض التأنيب بدورها، وهو أحد المشهد الأساسية التي تعالت فيها وتيرة تعقيد القصة وتشابك الأحداث في المسلسل يعد المشهد الأبرز بنظر الكثير من الشبان السعوديين الذين استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم. أيمن خياط (37عاماً) يبدي إعجابه بالتقاليد القديمة، وبكون الرجل هو سيد البيت الآمر النهائي، كلمته هي الكلمة النهائية وهو بهذا يعبر عن آراء نسبة كبيرة من الشباب السعودي، إلا أنه يؤكد بأنه لن يعامل زوجته بهذه الطريقة وهو فقط يستشهد بمشهد الطلاق الشهير من باب المزاح والفكاهة لا أكثر ولكونه يعرف بأن ذلك يثير حفيظة زوجته.
الطريف في الأمر أن الآراء النسائية الغاضبة من طريقة معاملة النساء في باب الحارة، ومن استحسان الرجال الذي دفع بعضهم إلى تبني المواقف الرجولية المسيطرة والدفاع عنها بحماسة لم يمنع المشاهدات من متابعة المسلسل والإعجاب به واعتباره أحد أكثر المسلسلات نجاحاً لهذا الموسم، بحسب إحدى المشاهدات التي تؤكد بأنها معجبة بالمسلسل لكنها لن تقبل أبداً بزوج على شاكلة أبو عصام أو أي من رجال الحارة لأنهم أفضل كقصة تاريخية وليس كحياة واقعية معاشة.
وتنتقد ابتسام عمر، طريقة معاملة النساء في «باب الحارة 2»، وتؤكد بأنها لن تنشئ أطفالها على هذا النموذج، ولن تمنعهم من مشاهدة المسلسل في الوقت نفسه لكنها ستشرح لهم كيف أن الأنموذج الذي يعرضه هو فاشل وغير صحيح ولا يعدو أن يكون حدثاً تاريخياً يعكس جانباً مظلماً من الطبيعة الإنسانية تماماً كما كان الحال عليه في العصور الوسطى.